صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/148

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ١٤٤ -- وحسبنا لمعرفة هذه الحالة ولتقدير الجهد الذي بذله المازني والعقاد في تصحيح مقاييس الأدب والفنون العامة ، أن نعلم شيئا عن المشكلات التي كانا يعانيان شرحها وهي اليوم في حياتنا الأدبية من البديهيات . فسائل مثل : وحدة الشعر القصيدة لا البيت ، تطور اللغة وأساليبها بتطور الزمان ، التصوير الفتوغرافي في الفنون لا يعد عملا فنيا ... إلى آخر هذه البديهيات ، كانت في ذلك الحين من أعوص المشكلات ! هی ا ولقد قرأت بعطف كبير قول المازني في « حصاد الهشيم » : من الذي یعنی « ما مصير كل هذا الذي سودت به الورق ، وشغلت به المطابع، وصدعت به القراء ؟ إنه كله سيفنى ويطوى بلا مراء ، فقد قضى الحظ أن يكون عصرنا عصر تمهيد ، وأن يشتغل أبناؤه بقطع هذه الجبال التي تسد الطريق ، وتسوية الأرض لمن يأتون من بعدهم . ومن الذي يذكر العمال الذين ..ووا الأرض ومهدوها ورصفوها ؟ بالبحث عن أسماء هؤلاء المجاهيد الذين أدموا أيديهم في هذه الجلاميد ؟ وبعد ؟ وبعد أن تعهد الأرض وينتظم الطريق ، يأتى نفر من بعدنا ويسيرون إلى آخره ، ويقيمون على جانبيه القصور شاهقة باذخة ، ويذكرون بقصورهم و ننسى نحن الذين أتاحوا لهم أن يرفعوها سامقة رائعة ، والذين شغلوا بالتمهيد عن التشييد ! ه فلندع الخلود إذن ، ولنسأل «كم شبرا مهدنا الطريق ؟ » . وهذه الفكرة هي التي أوضحها العقاد من قبل أيضا في مقدمته لكتاب « الغربال » لميخائيل نعيمة سنة ١٩٢٣ في هذه الفقرات : « وإني لأعرف كيف يستحق النعيمي التهنئة بجرأته التي ظهر بها في مقالاته وصراحته التي تقدم بها إلى غربلة الناس والكتب والآراء ، لأنني أعرف الآراء المستحدثة ، وما تجلبه على أصحابها من الغضب والملاحاة في بلاد العالم أجمع ، وفى بلاد الشرق خاصة ، أعرف أن ليس أضيع عندنا من مجترىء على تمزيق غلاف