صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/147

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ـ 143 - تكون ، ولا تقدير للتبعات والمسئوليات ، ولا احترام للحقوق ولا اعتراف t بوجود حدود ، ولا ثقة بإنصاف ... الخ » . وهكذا استعرض كل مظهر وكل جزئية ، وحكم عليه على انفراد . ويلاحظ أن المازني ذكر « تقدير التبعات والمسئوليات » التي ذكرها t العقاد ، ولكن هذا جاء هنا عرضا ومظهرا ، بينما جاء هناك قاعدة واصلا وعلى هذه الوتيرة تسير طبيعة العقاد وطبيعة المازني في عملهما الفنى ، بل حياتهما كذلك ، والفرق كما ترى بين الطبيعتين بعيد وبينما كان العقاد يسير على نهجه الأصيل منذ نشأته في النقد الأدبى ، وفي دراسة الشخصيات والسير ، ويتهيأ للمكانة الملحوظة التي بلغها فيما بعد في دراسة التراجم والمذاهب الفنية ، ويقطع مراحل التحضير إلى مرحلة النضوج الأخيرة على بصيرة واستواء . كان المازني يتنكب عن نهجه ، ويسير في غير طريقه ، وهو يتناول هذه الموضوعات التي يتناولها العقاد يومذاك ، إلى أن اهتدى إلى أفضل مزاياه في عام ١٩٢٩ وقبله بقليل ! وكان ذلك خيراً للأدب بلا جدال وقد أخرج المازني – وهو في التيه -- كتاب حصاد الهشيم، وكتاب قبض الريح ، والقارى، يعجب لتشابه الموضوعات في هذين الكتابين مع موضوعات کتابی « الفصول والمطالعات » للعقاد ولتشابه الاتجاه في الرأي كذلك ، وإن بقى الفارق الكبير بين الطبيعتين ، حتى في هذا الطور المختلط ، الذي لم يكن المازني فيه يفطن إلى حقيقة مزاياه . . ولا نحب أن نظام المازني فنغفل عن عوامل الزمن والبيئة التي كانت تحتم عليه هذا الاتجاه في ذلك الزمان . فأغلب الظن أن الحالة الفكرية وفهم الأدب وتقدير الفنون في هذا الوقت لم تكن تسمح بظهور أديب يكتب على نهج المازني ، الذي بدأ بصندوق الدنيا سنة ١٩٣٩ ، أو قبلها بقليل الأخير