صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/146

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ومن الأمثلة الحاسمة التي مهيئها الاتفاق ، فتصور الفارق الأسيل بين اتجاهي التفكير وطريقتي النظر والتعبير ، إجابتا المازني والعقاد على سؤال في مجلة ، كان عنوانه « هل أخلاقنا في تقدم » . ی فأما العقاد فقد سارع بوضع القاعدة على طريقتهـ ونصب الميزان، وهو يقول : « نعم الأخلاق المصرية في تقدم ، أو أن الرجاء في تقدمها أقرب من اليأس ، وربما منعنا أن نرى دلائل التقدم أن الرجة عنيفة ، وأن الغبار كثير حول الأقدام وفوق الرءوس . فإذا انجلى غدا عرفنا ما خطوناه ، وما لا يزال أمامنا أن نخطوه . «ومن الواجب أن نعرف مقياس التقدم قبل أن نقيس و نضبط القياس . فمقياس التقدم عندي هو احتمال المسئولية ، لأنه الفارق بين كل متقدم وكل متأخر بلا استثناء وإذا كانت المسئولية مقياس التقدم الأوحد ، فالحرية إذن هي شرط التقدم الذي لا غنى عنه بحال من الأحوال ، لأنك لا تفرض المسئولية على إنسان مكتوف اليدين ، ولا بد من حرية حتى تكون مسئولية ، ولا بد من مسئولية حتى يكون تقدم في الحاضر والمستقبل . - ١٤٢ « هذه الفوضى التي نراها في أخلاقنا هي مظاهر الحرية الأولى ، أو هي أول مفاجأة من مفاجآنها ... الخ » وهكذا يضع المسالة في صورة قضية منطقية . ثم يأخذ في الوزن والقياس . وقد تخالف العقاد أو توافقه ، لكنك مضطر أن تنظر أولا في « مقياس التقدم » أو في « مفتاح الفكرة » الذي يلخص الرأي ، وتوزن به الجزئيات وأما المازني فراح يستعرض المظاهر الخلقية ويحكم عليها واحدا بعد الآخر حسبما رآه ، فقال :

ا «كيف تصلح أخلاق أمة والبيت فاسد ، والتفاوت بين الرجل والمرأة شديد والتربية سيئة ، والمدرسة عقيمة النهج ، والقدوة العامة على أسوأ ما يمكن أن