صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/135

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۳۱ - هي قصة توفيق الحكيم الكاملة – على طريقته – هي قصـة الذهن الإنساني المجرد من أوشاج البشرية ، هي قصة القلق الفكري والشك الذهنى . وإن شعاع الإيمان الوحيد في قلب « قمر» ليتراءى خافتا بين الحين والحين، ثم ينطفىء قبل أن ينير الطريق ! . وكل الشخصيات هناك شخوص رمزية لا تربطهم بالقلب الإنساني رابطة ، ولا يستثيرون عطفنا البشرى حتى في أشد مواقفهم حروجة فشهريار في حيرته المضنية ، وقلقه المنهك ، لا يستحق منا أكثر من فتح العين وانتباه الذهن ، بينها قلبنا ساكن قرير ! ! ! ومثل هذا الجو لا يستريح إليه الدكتور طه حسين . فهو قد كان مخلصا لطبيعته ، حين صادق « أهل الكهف » وحافي « شهر زاد » . وأيا كانت الملابسات الشخصية التي صاحبت تلك الصداقة وهذه الجفوة ، فإن وراءها الطبيعة المختلفة لكل من الأديبين !

( ونتيجة ثالثة خرجت بها من رحلتي في أعمال توفيق الحكيم : إن لتوفيق طريقة خاصة وأسلوبا معينا في أعماله جميعا ، فهو من هذه الناحية فنان ذو « أسلوب » وله « طريقة » إنه يثير المشكلات الفكرية ، ويصور الصراع بينها ، ويرسم لمحات ولمسات للموقعة ... ولكنه لا يرسم مرة واحدة نتيجة الصراع ؛ ولا يقف حكما بين الأفكار التي يطلقها تتصارع على مرأى منه ! إنه يدع الخط غير منته ، ويدع المشكلة قائمة . يدعها خالدة ، حلها في ضمير الغيب ، وحينها ينتهى هو من عرض القصة ، تبدأ المشكلة في ذهن القاريء ! هكذا صنع في مشكلة الصراع بين القلب والزمن في « أهل الكهف » وبين الإنسان والمكان في « شهر زاد » وبين الفنان والآلهة ، ثم بينه وبين