صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/132

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۱۲۸ – ومالى أبعد كثيرا . و « بيجماليون » كامن هناك في « توفيق الحكيم » كما كمن من قبله « شهریار » – في شهر زاد – و « محمود » ... في سر المنتحرة - و « مختار » – في الخروج من الجنة – وكثير من شخوصه التي يخلقها على مثال صورته . تعيش بالذهن في هذه الحياة ، وتشفق من الواقع ولو كانت من قبل تتمناه ! ... فمن هو « بيجاليون » ؟ إنه الفنان الذي أحس ببرد الوحدة ، بجانب تمثاله الذي أودعه حرارة فنه ، بعد أن كان هذا التمثال حلمه وأمله ، فتمنى له حرارة الحياة ، ثم لم يرضه تحقيق ما تمنى فلما استجابت له الآلهة مرة أخرى وأعادت له تمثاله الحبيب مبرءا من الحياة الواقعية الرخيصة ، جرفه الحنين إلى حرارة الحياة مرة أخرى ، فشك في فنه ، وظل شبح المرأة الحية يتراءى له ، فيحن إليه ، ا ؟ ا ويضنيه الحرمان منه ، ولا يغنيه تمثاله الذي فتن من قبل به ! ومن هو « توفيق الحكيم » ؟ إنه الفنان الذي خلق عشرات الشخصيات الفنية في قصصه ، وأحب هذه الشخصيات ، حتى عاش حياتها ... ثم هو الذي يكتب مقالا في « الرسالة » يقول فيه هذه الكلمات . « لقد جاوزت الأربعين ، وما أبصر في الأفق طيف واحة مورقة في صحراء حياتي المحرقة . ما قيمة الشهرة بغير سعادة ، وفيم الأدب والفن بغير هناء (1) ؟ » ! هذه هي النتيجة الأولى التي خرجت بها من جولتي في أعمال توفيق الحكيم على ضوء « بيجماليون » . ... (1) كتبت هذا البحث منذ أربع سنوات ، ثم زادت الأيام اقتناعا به . فها هو ذا توفيق الحكيم أخيرا يكاد يكفر بفنه فيهبط إلى مستوى الجرائد والمجلات الأسبوعية التي تعلق الغرائز وتستلفت النظر بالمسائل اليومية والنزعات المكشوفة .. إنه « الرجل » الذي يريد أى شكل أن تراه - المرأة ، وأن تحس وجوده ، والمرأة في هذا الجيل لا يلفتها إلا التافه الرخيس من الأدب المكشوف الذي يدغدغ الغريزة . . ومن هذا الصنف يكثر الآن د الفنان الحائر » توفيق الحكيم .