صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/122

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۱۸ – النهاية إلى حيث تشاء ، فلا يأبق إلى حيث لا يعلم مصيره أحد كشهريار الحكيم! وشهر زاد توفيق الحكيم تحاور شهریارها حوارا فلسفيا مرة ، وتحاول أن تهبط به إلى الأرض مرة ، وأن تنقذه بإثارة غرائزه مرة ... ولكنه يأبق إلى غير عودة . أما شهر زاد طه حسين فتعيد على شهريارها قصة كقصص ألف ليلة وليلة عن الملك « طهان بن زهمان » ملك الجن وابنته « فاتنة » فيها جو « ألف ليلة وليلة » وفيها نسقها . ولكن بها بعد ذلك توجيهات اجتماعية وسياسية وفكرية حساسة ، بل شديدة الحساسية . تقص شهر زاد هذه القصة على خمس ليال ولكن في « الأحلام » لا في العيان ! وهي لا تقص على شهريار – في الأحلام – هذه القصة فحسب ، إنما هي تحاوره الحوار الفكرى مرة ، وتحاول أن تهبط به إلى الأرض مرة ، وتقوده في زورق يسبح في النور والموسيقى والماء مرة وهناك تعرض له مناظر فاتنة محيرة تزيد لنزها في نفسه تعقيداً ، فهؤلاء عذاري صرحات مشرقات يسبحن بزوارقهن ، والجو باسم والنفوس مرفرفة . أولئك من الناجيات من شهريار وهؤلاء عذاری محزونات كاسفات يسبحن بزوارقهن والجو قابض والصدور مثقلة . أولئك من الهالكات على يد شهريار شهریار طه حسين قريب الشبه بشهريار توفيق الحكم في الانقلاب الذي طرأ عليه وفى أثر شهر زاد وأحاديثها في نفسه ، وشهر زاد طه حسين قريبة الشبه بشهر زاد توفيق الحكيم فيما عدا جانبها الغريزي الذي تصوره علاقتها بالعبد ولكن الأمر – في الحوادث – يأخذ بعد ذلك في الاختلاف - ... ، ... . فأماتوفيق فيمضى على طريقته وطبيعته وملابسات حياته وأثر المرأة في نفسه ، فإذا شهريار لا يهبط الأرض أبدأ وإن لم يبلغ السماء ، ولا يستمع إلى شهر زاد ولا يستنيم لها كالطفل إلا في لحظات الضعف ، ريثما يعتاده نفاره القديم ! ثم إذا هو يأبق في النهاية إلى غير أوبة حتى الآن !