صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/102

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

151 لسنا على يده يجو د لنا بمحض سيخائه ما شب من نار طبخنا فوقها حلوى الهوى أو صب من غيث غمسنا فيه آلام الهوى أو زف من ريح وهبنا ها الشراع كما استوى أو قل : إنه الاستسهال ، ومجافاة الجهد والكد ، حتى في طلب الحب . فاللذة المواتية المريحة هي غاية الرجاء ، والإشفاق كل الإشفاق من الجهد والعناء ، وكفى ما بذل من الجهد وما احتمل من العناء ! أن يروى فرغت من الحب الذي يعقب الشكوى في من النعمي وليس من البلوي بذلت له ناري ثلاثين حجة اليوم للحلوى فلا نار بعد اليوم ومحضته ماء الشباب فما ارتوى فهل في خريف العمر يطمع رضيت بما أعطى ، وأحسبه ارتضى بما أنا معطيه على غــــــــير ما يهوى فلا زال في عقباه ضحكا بلا بکا ووصلابلا هجر ، وهجراً إلى سلوى ! أو قل : إنه الانطلاق من كل قيد وسمت ، انطلاق عابد الصنم تتكشف له السخرية الكبرى في النهاية ، فيحطم الصنم في استهتار وسخرية . ثم ينظر فلا يجد في رصيده بقية لمغامرة جديدة . فعلى مدى النظر يبصرنهاية الشوط المحدود : دعيها تفسد الخمسين إفساد ابن عشرينا ! ... ولكن هذه النعمة لا تطرد في الديوان كله . فالنفس الإنسانية كثيرة الدروب والمنحنيات ، وجذوة الحياة لا تلبث أن تشع تحت الرماد . وقلب العقاد لم ينطفىء بعد . وإن الجذوة الكامنة لتزفر بالشواظ والدخان في بعض الأحيان وتلك هي « أعاصير مغرب » وأشجانه السود ، وإن هذه الأشجان لتبلغ ذروتها .