صفحة:غابة الحق.pdf/95

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الحرب حيثما تكون هذه المشروعات واجبة لإصلاح حالة ما أدبية. وكالمعاملة بالشفقة إذ تكون الصرامة واجبة وكإيقاع الأعضاء والصفح موقع الانتقام الذي ربما يوجد لازمًا للتعليم، وكالإسفار عن الرِّضا بينما تكون لوائح الغضب مطلوبة للتهديد.

هذه عدا ما ينتج عن إفراط المحبة الخصوصية في قلب شخص خصوصي لمحبوبٍ ما فإنه وإن كان أصلًا تتفرع عنه جملة غصون صالحة لتمدن صاحبه كتلطيف الروح وتهذيب الطبع وترفيع العقل والذوق وحسن المعاشرة، إلا أنه إذا بلغ أشده يترك وراءه جملة آفات تنكد عيش المعترى به وتسلبه كل راحته كقهر الحرية الذاتية مثلًا، والاضطرار إلى البطالة، وإهانه الدراهم التي يدعوها البعض إله العيشة، وتسليم النفس إلى تأثير ثوائر الانفعالات الشاقة وتعاقُبها؛ كالحزن فالفرح، والخوف فالجراءة، والتعب فالراحة. وهذا ما خلا التأثيرات الكثيرة التي تفترسه على مَمَرِّ الأوقات، فلا يبرح قلبه في حضرة المعشوق هدفًا لنبال العيون وموقد الجمرات الخدود وموقعًا لرمح القوام وقِدرًا لغليان ماء المُحيَّا. ولا تزال روحه في الغيبة أتونًا لارتفاع لهيب الأشواق والأتواق، ومحلًّا لتناثر شرر الأفكار والتصورات، وميدانًا لمسابقة خيول الأميال والعواطف؛ فيجيء الليل سهرًا وأرقًا، ويقضي النهار تعبًا وقلقًا؛ إذ يرى ذاته ضاربًا في أودية الوحدة والانفراد حيثما يشاهد قلبه طائرًا على أجنحة شياطين الوساوس والأوهام، خائضًا في بحور الآمال والمطامع، وهكذا يرى العالم بأسره كأنه مرسح للغرام