صفحة:غابة الحق.pdf/82

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فجميع هذه العادات والأخلاق الشخصية وأشباهها ممَّا لم يُذكر لا يمكن اتفاقها مع قوانين التمدن؛ ولذلك يجب استئصالها من الناس وتربيتهم على أضدادها ولو دعا الأمر إلى صعوبة قصوى، وبهذا يقوم التحسين المطلوب هنا في الكلام الخاص.

ثانيًا «العام»: إن كرور أزمنة الجهالة على بعض البشر وتقلبات الظروف فيما بينهم قد أحدثت فيهم كثيرًا من العوائد والأخلاق التي تنكَر عليهم إذا دخلوا في نظام التمدن؛ ولذلك يجب أن يجتهدوا كثيرًا في إزالتها ويستبدلوها بما يناسب روح العصر. فلا يعتبر أولئك المدَّعون بالتمدن إذا كانت بيوتهم مشحونة بالأثاث العقيم كالفضة والنُّحاس وأنواع الخزف والأقمشة، ولم يوجد فيها كتاب أو مُياومة ولا أدنى آلة للعلم. لكنَّما اعتبارهم يقوم إذا كانوا يعلمون أن زينة العقل تفوق زينة المسكن، وأن هذه نتيجة الأجيال المظلمة التي كانت تنطبق على الفخفخات والعظمات الفارغة، وتلك نتيجة الجيل المتنوِّر الذي لا يقبل ما لا نفع فيه.

ولا تُعتدُّ بهؤلاء المتظاهرين بالتمدُّن إذا كانت رءوس نسائهم تتشعشع بأنوار الأحجار الكريمة ذات الثمن الوافر والعديمة الثمرة، ولم يكن في تلك الرءوس أدنى شعاع للعقل والآداب، بل يُعتدُّ بهم إذا رفعوا جميع تلك الظواهر الخيالية وأثبتوها للنفقة على تعليم نسائهم وتهذيبهن، كما أنهم لا يعتبرون أصلًا مهما ضيقوا أثوابهم وأطالوا خيزراناتهم وهرولوا مسرعين إذا لم يوسعوا أفكارهم ويقيدوا جماح