صفحة:غابة الحق.pdf/74

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

في مركزه، وتدور حوله كواكب سيارة مختلفة الأبعاد والأشكال، وجميع ذلك له من السموِّ والعظمة ما يخبر بعظم أعمال الله. وكيف يأخذ بذهنه الهتك بالقريب بينما تكون الطبيعة هاتكة له أسرارها ومبدية لديه غوامضها؛ فإذا نظر إلى الأرض يراها تدعوه إلى تمييز تراكيب طبقاتها وتعديد مفردات عناصرها ومعرفة نسبة كلٍّ من موادها إلى غيره. وإذا تأمل في الحيوان يراه باسطًا أنواعه لدى حكمه وطالبًا منه فصل كلٍّ عن الآخر، وإذا لحظ النباتات يراها كأنها تدعوه إلى معاينة عجائب نموِّها وماهية جوهرها وكيفية تغذيتها وعملية إنتاجها وتأثير خاصياتها، وكأنها تكلفه إحصاء كلٍّ من أنواعها وتحديده تكليفًا فوق وسعه.

وكيف يرتضي بعمل المنكرات حينما تكون الكيمياء مقدمةً له مشكلاتها وطارحةً عليه مسائل غوامضها، فما ينتهي من معرفة صفات عنصر منها وإدراك نسبة اتحاده بغيره وكيفية قوامه إلا ويبرز لديه عنصر آخر ويدعوه إلى تفنيده فيذهب خابطًا في عباب المشكلات حيثما يقابله مولِّد الحوامض بإيقاده وإنارته، ويطارحه مولِّد الماء برشاقته ولهيبه، ويناقشه حامل الأنوار بلمعانه وإضاءته، ويدهشه الذهب بثباته، وتذهله الفضة بوضاءتها ونقاوتها، ويلطمه الحديد بكثافته وصدئه، ويحيره الزئبق بفراره ونفاره.

وكيف يسمح لأمياله أن تسرح في عالم الشرور والمعاصي حيثما تكون الجغرافية سارحة به على ظهر هذه الكرة الأرضية المملوءة من