صفحة:غابة الحق.pdf/69

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

تحت لحاف الإعياء والوصب، فهل كل هذا التباين لا يكفيه حتى يرغب إيقاعه أيضًا في موقف الحق الذي يستوي عنده الجميع؟ وهل يسوغ لأرباب السياسة أن يقبلوا وقوع هذا التباين ويجحفوا بذلك المسكين الذي بدونه لا تصل قوتهم إلى مواقعها فلا يخافون من وثوب التسعة والتسعين وفرط عقد الجمعية؟ ولماذا يوجد حق لأصوات الأغنياء فترنُّ في قاعات السياسة، ولا يوجد هذا الحق لأصوات بقية الشعب الذين هم الجانب الأكبر والأهم، والذين بواسطتهم تقوم سطوة الممالك وقوات الملوك، وعليهم يتوقف مدار السياسات؟ فلا شك لسان السياسة نفسه ينادي بوجوب حالة الاستواء ويصرح ضد الضد.

ثالثًا: حالة المطابقة؛ إن منزلة السياسة من الهيئة الاجتماعية هي كمنزلة الدم من الجسد، فكما أن هذا السائل يقوم بتغذية الجسد وبدونه لا تثبت الحياة، هكذا السياسة تقوم بعول تلك الهيئة، وبدونها لا يثبت النظام. وكما أن الدم يجب أن يكون مطابقًا في مقداره ونسب أجزائه لما يحتاجه الجهاز العضوي بحيث إذا لم تحصل هذه المطابقة بزيادة أو نقصان أن لا تلبث الأعضاء على صحتها، وتقع في حالة الاضطراب الوظيفي. هكذا ينبغي أن تكون السياسة مطابقة بقوانينها وشرائعها لما يقتضيه واقع الحال بدون زيادة ولا نقصان، ومتى عدمت تلك المطابقة زاغت الهيئة عن واجباتها واضطرب كل نظامها، وكما أن السائل الدموي يستلزم التنقيص عند زيادته استدراكًا لوقوع