صفحة:غابة الحق.pdf/70

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الأمراض الالتهابية والزيادة عند نقصانه دفعًا لنهوض العاهات الافتقارية، هكذا يجب أن تعامل الأحكام السياسة في محكوماتها حذرًا من وقوع البلبال؛ فلا يستعمل الصرامة والقساوة والجور والانتقام مكان الرفق والشفقة والحلم والإغضاء، وبالعكس. بل يجب توقيع كلٍّ في محله مطابقًا؛ بحيث إذا زاد أو نقص يجب تعديله لإخلاله بالواجب السياسي. ولما كانت حوادث الهيئة الاجتماعية تختلف جرمًا وموقعًا كان لكلٍّ منها شأن يستوجب حكمًا يلائمه ويطابقه، ولكل حكم قوانين تناسبه وتشاكله. وهكذا تكون الأحكام وقوانينها مختلفة اختلاف الحوادث الجارية، فمتى استعمل الواحد محل الآخر نشأ خلل عظيم في نظام السياسة يستدعي خلل الهيئة جميعها؛ فلا يسوغ تنزيل واجبات الكبائر منزلة واجبات الصغائر، ولا يجوز إيقاع الحوادث العظيمة موقع الحوادث الحقيرة، بل يجب إعطاء كلٍّ حكمه ليستوفي كل حقه.

وبما أن الأحكام والقوانين تعتبر كأجزاء تؤلف جسم الشريعة في عالم السياسة، وجب أن يكون كلٌّ من هذه الأجزاء ثابتًا على نقطة وضعه؛ وبِناءً على ذلك نرى أنه متى زاغ أحدها عن الوضع المعين له، يقع حالًا في حركة الاضطراب ويستفز البقية إلى مشاركته في تلك الحركة، ولم يرجع إلى سكونه ويسترجع ما لم ينقطع تأثير الفاعل؛ بحيث إذا دام متواصلًا ينهدم بناء ذلك الجسم ويتشتت شمل أجزائه حسبما يتم في الأجسام الرنانة.

ثم ولا يستعمل الحرب مكان السلامة ولا