صفحة:غابة الحق.pdf/63

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ما لي أرى دخان الهيجاء يتصاعد إلى الآن من منخريك يا أيها القائد الشجاع؟

ولماذا يتناثر شرر السخط من عينيك؟ ولِمَ لَمْ تُلقِ عن وجهك لثام الكمود وأنت الظافر بالعدو والقاهر صفوف المرَدة والمنادي في مرسح الكفاح: ها أنا الغالب؟ هل الغضب لا يرحل بعد حلول الانتقام؟ وهل الانتقام لا يروي لدى فيضان نهر الانتصار؟ وكيف لا يتبسم الانتصار عندما يظهر إكليل الغار؟ رحِّب سعة صدرك؛ فقد أنزلت بالأعداء نكبات الضيق. شُدَّ حقويك بالقوة فقد ضعفت عزائم الأخصام، أنقذ أطوار وجهك من أسر الغيظ فقد سقطت دولة العبودية، كيف يزأر الأسد والفريسة ترتعد بين يديه؟ كيف يعتكر البحر والرياح قد سكنت أمامه؟ كيف يَدْلَهِمُّ الصباح والليل يتمزق إزاء وجهه؟

نعم قد بذرتَ الحروب ولكن حصدت السلامة، نعم قد غرست القتال ولكن جنيت الظفر، نعم قد أَمَتَّ العبودية ولكن أحييت الحرية، نعم قد قيدت البربرية ولكن أطلقت التمدن، فاحكم بما شئت واقضِ ما أنت قاضٍ، فأجابه القائد مبتسمًا وكأنه دخل في خلق جديد: إن دوام لوائح الغضب والكآبة على وجهي إلى الآن ليس مسبَّبًا عن تلك الحروب والمواقع التي ملكنا بها الغلبة والنصر، والتي تستدعي ظهور لوائح الفرح والابتهاج، بل عن سبب مهم جدًّا. أجاب الفيلسوف: وما هذا السبب؟