صفحة:غابة الحق.pdf/64

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– هو اعتماد الحضرة الملوكية على إرجاع العصاة إلى أوطانهم ومملكتهم.

– نعم، قد بلغني ذلك، ولكن على شروط كثيرة منها إرفاقهم بجماعة من طرف دولتكم كنظار على كل أحوالهم وأحكامهم، ومنها إلزامهم باتباع شرائع التمدن وقوانينه.

– إن أولئك القوم هم محتالون منافقون، وليس لهم ذمم ولا عهود تربطهم، يقولون ما لا يفعلون وفي كل وادٍ يهيمون أمَا تعلم أنه لا يوجد لجماعة الخشونة والبربرية ميثاق سوى الكذب، ولا شريعة غير الاحتيال والمكر، ولا حكم عدا التعدي والظلم، ولا حاكم خلاف الرشوة؟ ومن أصعب الأمور إخضاعهم بدون تبديد شملهم وهتكهم عن آخرهم.

– نعم، كل ذلك هو أكيد ولا ريب فيه، ولكن متى شاعت بينهم شرائع التمدن وطفقوا يتعلمونها من نعومة أظفارهم، وقامت عليهم نُظَّار ومساعدون من طرفكم، لا يعودون لابثين على تلك الخصال التي ذكرتَها ويصيرون بعد قليل من الزمان طبق المراد.

– نعم، ربما يتم ذلك ولكن بعد ألف عام. ولماذا كل هذه المدة؟ لأنهم شعب مجموع من كل قبيلة وملة تحت السماء؛ فكل حزب منهم يبغض الآخر ويجتهد في خرابه ودثاره بِنًاء على أن المحبة لا تقوم في اختلاف الأجناس، ومتى بطلت المحبة زال التمدن؛ لأنها الأساس الأول له، ومتى زال التمدن تمزَّقت أحشاء الوطن وخفقت سناجق العبودية، فلا يمكن رفع كل هذه الصعوبات ما لم يمر زمان طويل