صفحة:غابة الحق.pdf/55

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

إن هذه العيلة قد اغتنمت لذة العيش في ذلك المحل الخصيب، فتمكنت به آمنة وصارت تعيش بنتاج الأرض وحواصل الحيوانات المنفردة هناك، وتسلك تحت إرشاد الكبير منها خلفًا فخلفًا، ولم تزل مع تقدُّم الزمان تنمو وتتَّسع بانضمام آخرين إليها، حتى صارت جمهورًا غفيرًا يجري تحت سياسة ذلك الكبير الذي كان يخترع شرايع وقوانين يلتزم باعتناقها كلٌّ من هذا الجمهور لدفع وقوع الخلل في نظام الجمعية، وبِناءً على ذلك سمَّوه أميرًا. ولكون المواشي والأنعام قد كثرت أيضًا وتعاظمت هناك لتواصل الداخلة وانقطاع الخارجة كما تطلب طبيعة حيوان الكلاء حيث يوجد الإنسان، لم تَعُدْ من ثَمَّ تلك البقعة كفوًا لإشباع الجميع بدون توجيه الاعتناء إليها فصارت القطعان تتشتت؛ ولذلك بادر الناس إلى فلاحة الأرض وتهذيبها، بعد أن تعلموا العملية الإنباتية من نفس الطبيعة؛ لأنهم كانوا يراقبون كيفية هذه العملية من السنابل أو القصلات التي كانت تطرح الحبوب أو البذور في التراب بعد النضج، فتندفن هناك ثم تنهض نامية على شكل الأصل.

ولتسهيل إجراء التقليد للطبيعة بالفلاحة شرعوا يستخلصون المعادن الصُّلبة من مدافنها، ويعاملونها على النار الموقَدة من حطب الغاب، فيسكبونها آلات ويستخدمونها لحرث الأرض وتحريك الأثقال آخذين الثيران أعوانًا لهم.

وعلى هذا النمط: أخذوا يتمتعون مع مواشيهم بغلَّات الأرض