صفحة:غابة الحق.pdf/49

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤١

الفصل الرابع

السياسة والمملكة

كما أن نظام هذه الكرة الأرضية لا يمكن قيامه بمجرد حركتها اليومية على نفسها فقط، بل يحتاج إلى الحركة الشمسية حول فلكها أيضًا، هكذا الإنسان بما أنه محمول على ظهر تلك الكرة وآخذ جميع مواده ومقوماته منها، فهو تابع بجميع أطواره لأحوالها. فلا يمكنه القيام بمجرد اقتصاره على ذاته فقط؛ وذلك لعدم مقدرته على حفظ نظام حياته الشخصية، بل يحتاج إلى الدوران حول مركز المجموع الإنساني، وكما أن القوة الجاذبة التي تتبادلها جميع الأجرام السماوية لا تسمح بوقوع خلل في نظام الفلك العام، هكذا يحتاج ذلك المجموع الإنساني إلى قوة تحفظه من الوقوع في الخلل والتبديد. وإذا أخذنا نفتش على قوة مثل هذه، فلا نراها سوى في السياسة والشريعة، على أنه بذلك يوجد الإنسان محافظًا على التئام شمل جمعيته.

أما ينبوع ظهور السياسة والسيادة والشرائع، فهو جارٍ من تغلُّب الناس بعضهم على بعض منذ القديم، وهو الأمر الذي أنتج التملك والمملكات على وجه الأرض؛ فلا سبيل لمن يرغب