صفحة:غابة الحق.pdf/48

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

كنا نسمعه كان باطلًا ولا حقيقة له، وإذا افترضنا عدم صحته وأشهرنا الحرب، فلا نرجع إلا خائبين، وربما نقع في خطر اضمحلال كل مملكتنا وسياستنا؛ لأن ما يساعده الروح لا يغلبه الجسد.

فأجابت الملكة بتواضع: لا شك فيما تكلم الفيلسوف، ولا ريب أن الاعتماد كان باطلًا؛ لأن السياسة العُلوية منتصرة دائمًا على السفلية، وما يكون هابطًا من الأعالي يسطو مطلقًا على ما ينهض من الأسفل، وما تفعله الصدف لا يغلب مفاعيل القصد.

– لعل سياستنا ودولتنا وجدتا على سبيل الصدفة والاتفاق.

– إذا تتبعنا شجرة امتداد السياسة والتملُّك في العالم من حيث الأصل، إنما نراها باسقة من جرثومة المصادفات والتقادير.

فالتفت الملك إلى الفيلسوف، وقال له: ماذا تقول أنت؟

فأطرق الفيلسوف قليلًا ثم أجاب: لا شك فيما قالته حضرة ملكة الحكمة.

– هات فصِّل لنا ذلك.

– إن تفصيل هذا الأمر يعسر جدًّا، ولا يوجد نور واضح نستهدي به إلى الحقيقة، وإنما يمكنني أن أورد على ذلك ما أتناوله من الاستقراء والاستنتاج التاريخي.

– لا بأس، خذ راحة الجلوس، وقل ما يخطر لك.

فامتثل الفيلسوف الأمر وجلس، وبعد إطراق قليل رفع رأسه، وجعل يقول …