صفحة:غابة الحق.pdf/45

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فأرشق الملك نظره وقال: إن كثيرين من ذوي الصدق والثقة قد أخبروني عن جملة أمور خشنة تواظبها مملكة الروح؛ فهي على ما يقولون: إنها لا تفتر عن بث التصورات الباطلة في عقول الناس لكي تنهض بذلك تصديقات سخيفة تؤسس عليها أقيسة دعواها بالسياسة المطلقة؛ وعلى هذا الأساس قد شيَّدت قوس نصرها في ساحة العالم ونشرت عليه راية سلطانها. ثانيًا: لم يكفِها التسلُّط المطلق على الأنفس والأجساد حتى جعلت تمد سلاسل سطوتها إلى أعماق القلوب أيضًا لكي تجتذب السرائر والضمائر إلى ميدان أحكامها وعبوديتها. ثالثًا: لا تكل أعوانها وأنصارها من الجوَلان في كافة المسكونة لأجل زرع الشقاق والفتن حتى إن أكثر الحروب التي جرت في الدنيا كانت مسببة من أطوارهم على ما قيل. فهل يسوغ لنا الصمت عن هذه المملكة إذا كان هذا شأنها؟!

وبعد برهة من السكوت وثب الفيلسوف على قدميه، وأحنى رأسه أمام الملك، وقال: اسمح لي أيها الملك أن أجاوب عظمتك بالتفصيل عمَّا شرفت به آذاني.

– قل ما تشاء.

– أولًا: إن هذه المملكة ما علَّمت قط — ولن تعلِّم — إلا بما يقود الناس إلى نوال السعادة الحقيقة كما يظهر لنا ذلك تدقيق الاستقصاء والفحص بدون التفات إلى ما يهذر به أهل الغرض الأعمى. وجميع تعليماتها مأخوذة من الكتاب المعصوم الذي لا ينكره إلا أهل الضلال