صفحة:غابة الحق.pdf/44

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

على الآجار، بينما كان الليل ناشرًا شراع الهدوِّ على جميع حركات الطبيعة، وضاغطًا بكل ثقله على الهواء كي لا يخترقه صوت آخر سوى تكتة المصابيح أو تغريد البلابل.

ولما أخذ السكوت قراره طفق الملك يناجي الفيلسوف هكذا: إنه يوجد مملكة كبيرة جدًا وقوية إلى الغاية يقال لها «مملكة الروح»، وهي ليست بعيدة عن تخومنا، فهل تعرفها؟

– نعم، إنه توجد هذه المملكة وأنا أعرفها حق المعرفة، فما سبب سؤال العظمة عنها؟

– لأنني أريد شن الغارة عليها أيضًا.

– وما الداعي إلى ذلك؟

– هو سماعي عنها أنها تتصرف كثيرًا بما يضاد سياستنا، وأن ملكها الجالس على العرش القديم كثيرًا ما يجتهد بخراب شرائعنا واضمحلال كل مملكة لا تخضع لنواميسه.

فهز الفيلسوف رأسه وأجاب هكذا: لا تعطِ صغيًا لكل محدِّث أيها الملك المعظم؛ لأن أكثر خراب العالم ينشأ عن أحاديث ذوي الغرض، وكثيرًا ما يتكلم الناس بلغة من لا ينتظر، وحقيقة الأمر هي بخلاف ما بلغ أذنيك؛ لأن العالم لم يدخل في دائرة التهذيب، ولم تقم مملكتكم هذه إلا منذ قيام تلك المملكة القديمة، وإذا كان البعض من رعاياكم ينسبون إليها بعض أراجيف، فهذا ناجمٌ عن الصالح الخصوصي الذي من شأنه أن يهدم بناء الصالح العام.