صفحة:غابة الحق.pdf/41

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

داخلًا في عبودية ضدها تبعًا لمقتضى الحال.

ولكون الدخول في أحكام دولة الخشونة والبربرية يفسد أحوال البشر وينثر نظام جمعيتهم، نازعًا عنهم كل الصفات الحميدة والسلوك السليم — وذلك هو الأمر الذي لا يوجد أضر منه لمملكة التمدن والصلاح — وجب علينا دفعًا لوقوع البلبال والوبال فيما بين رعايانا أن نثور على تلك الدولة الآبقة التي إذا لم نمحُ آثارها لم تقم حرية الإنسان المطلوبة أصلًا، وهي الحرية التي لا يمكنك إنكارها مهما رددت الهواجس والأوهام الفلسفية التي لا وجود لها إلا في العقل الذي قد يخطر فيه ما لا حقيقة له في الظاهر.

فأردف الفيلسوف كلامه قائلًا: أنا لم أمنع إمكان الحرية الأدبية بل الطبيعية، ولا شك إنَّا إذا أطلقنا أنظارنا إلى عالم الآداب وتبصرنا بشرائع الحكمة، نعاين أقوامًا أحرارًا وآخرين عبيدًا حسبما تقتضي أحوالهم وكيفياتهم. وعلى كل حال إن الاجتهاد في عتق العبيد وهدم مباني العبودية هو أمر ضروري وواجب.

فطرح الملك أنظاره على الفيلسوف، وقال: إذنْ مشروعنا في محاربة مملكة العبودية واستنقاذ شعوبنا من قيودها لا يستحق الملام.

– كلا، بل هو حسن وواجب يا أيها الملك المعظم؛ لأن الاستعباد مكروه عقلًا وطبعًا، وقد نهض العالم بأسره ضد هذه العادة المستهجَنة وما سواها؛ فحاربوا مَن ظلم واعتدى وأعدوا له سلاسلَ وأغلالًا.