صفحة:غابة الحق.pdf/40

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فهي مقيدة أيضًا بعبودية بعضها للبعض، ولكن عندما تكون هذه العبودية غريبة عن الفائدة أو مضرَّة لصالح الأمور، فالاجتهاد بإبطالها ضرب من اللزوم وقانون صوابي؛ وبِناءً على ذلك: عندما نظرنا دولة الاستعباد تتداخل ما بين شعوبنا تحت طرق مختلفة حيثما لا ينجم عن هذا التداخل سوى الإضرار بهم وفساد طبائعهم السليمة، نهضنا حالًا ضدها وسطونا عليها سطوة إسكندر على داريوس وسجنَّاهم كما علمت.

أما حصول الشخص على لذة الحياة معتوقة من كل حاكم وصافية من كل مكدِّر، فهو أمر لا يمكنه البتة ولو تطبع على تتبع تلك النواميس التي ذكرتها، والتي تصعب في الإجراء بمقدار سهولتها في التصوُّر حسب كل الأعمال الفلسفية؛ لأن التطبع لا ينقلب طبعًا، وما كان هكذا فهو غير لذيذ عند الطبيعة وبعيد عن السهولة، وإذا أمكن الإنسان السلوك — كما أشرت — فلا يكون ذلك إلا لمن وسمته العناية بسمة الانفراد وهذا شاذٌّ، وليس حكم الشاذ إلا الحفظ وعدم القياس عليه.

وعلى كل حال إن الإنسان إذا كان متعبدًا لأحكام دولة التمدن والصلاح، يكون داخلًا في حقيقة الحرية التي تطلبها الواجبات الإنسانية، على أنه إذا كان التعبُّد لازمًا فتلك الحرية ملزومة؛ لأن اعتناق الإنسان واجباته لا يُدعى عبودية، ولكن إذا كان الشخص معتوقًا من رق تلك الدولة فهو يكون بالضرورة