صفحة:غابة الحق.pdf/39

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

إن الكهرباء هي السبب الوحيد لجمع وتحريك كل العناصر بما أنها روح العالم. ثم لا نرضى فنقول إن سيال الحرارة هو عنصر جميع الحركات والمتحركات، وعليه مدار سببية الحياة والتقنُّم. ثم لا نرضى فنقول إن النور ذاته هو القائم بإحياء وتحريك كل مادة مؤلفة أو بسيطة. ثم لا نرضى فنقول إن شريعة التثاقل التي تثبت أقدام الأكوان في مراكزها وأوضاعها وترشد جميع خطواتها إلى سواء السبيل هي هي ذاتها سبب القيام العام ومبدأ الحركة. ثم لا نرضى فنقول إن الفضاء الغير المتناهي هو ينبوع البداية والنهاية، ومنه أُخذت كل الأصول العالمية وإليه سترجع ثم لا نرضى فنقول إنه يوجد ربٌّ متنزهٌ عن إدراك الأفهام، ذو عناية دائمًا بتدبير عموم تلك المخلوقات، ومنه الحياة كانت وكلٌّ به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كون، وهو محرك الحركات وأصل الكائنات، وإليه مصير الأشياء جميعها، لا إله إلا هو ولا معبود سواه. فحالًا نرضى بهذا المقال ونسحب جميع أفكارنا من مواقع الأوهام والوساوس الغريبة، معانقين عروسة الحقائق وبكر كل برية متمتعين بلذة الحياة وحرية المعيشة.

وبينما كان الفيلسوف مواصلًا خطابه، كان الملك والملكة شاخصَين فيه بأعين يخامرها الذكاء والإصغاء، مستوعبين معانيه بكل اتضاعٍ ودعة، وغب نهاية مقالته جعلت الملكة تقول له هكذا: إننا قد عرفنا عدم إمكان وجود حرية للإنسان، بل ولا لسائر الأنواع، وإن جميع الأشياء لكونها مرتبطة بخدمة بعضها البعض،