صفحة:غابة الحق.pdf/37

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

بلقاها وتخطُّراتها؛ فالجبال تتمنطق بمناطق لجينيَّة، وترفع قممها الغاطسة في غمرات الظلام فاتحةً باعاتها لاعتناق طفحات الضوء. والمياه تتموج بلمعان الأشعة المنبعثة من لدن أبي الأنوار كأنها متسربلة بدروع نارية. والأشجار تمرجح رءوسها لدى بشائر النسيم كذي طرب متموِّجة بأكاليلها العسجدية ذات المنظر البديع. والأزهار تبتسم إزاء وجه الطبيعة نافحة بأطيابها التي تذهب مبشرةً سائر الخلائق بثوران حركة الحياة. والأطيار تغرِّد وتصيح مهللة ومكبرة على أدواحها العديدة ومنازلها المتفرقة، وسائر الحيوانات تأخذ بالحركة والانتعاش.

هناك نشاهد هذه الغزالة1 مائلة على خط الزوال بوجه يقدح شررًا، حتى إذا ما بلغت الطفل2 وأوشكت الفراق صبغت بدموعها الدموية وجنات المغرب وغارت في كهف الأفق، سادلة على المسكونة ستار الظلام، تاركة العالم في حالة سكون الموت، منهضةً الخمود العميق في جميع البنية الآلية، سالبةً من جميع المواد المظلمة ما أفاضته عليها من الصور الجليَّة حيثما تتبلبل الأرض مع السماء، وتضيع الجبال في الأودية، ولا يعود يقال سوى: ما هذا السكوت العظيم؟

هناك تحوِّم عقولنا على كل حادثة طبيعية وظاهرة أدبية، فترتقب طيور السماء متبصرةً باجتماعاتها وانفراداتها واختلاف أصواتها وحركاتها، وتتبع مسير وحوش الغاب متأملة في فرائسها

  1. قوله الغزالة: اسم من أسماء الشمس.
  2. قوله الطفل بالتحريك: الغروب.