صفحة:غابة الحق.pdf/36

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

بصره وبصيرته، كالتهافت على اللذات الجسدية والتمرغ في أوحال التهافت والفساد. ناظرًا في كل لحظة إلى الموت الذي يتهدده على مَمَرِّ اللحظات، عالمًا أن كل نفخة من نفسه مأخوذة من روحه، عارفًا أن القوة الضابطة لأقدامه على سطح الأرض ستكون يومًا ما سببًا لابتلاعه إلى عمقها.

فبهذا جميعه قد يحصل الإنسان على لذة قصوى في مسير حياته؛ إذ يشاهد ذاته محلولًا من جميع وثاقات الأكدار والآلام الأدبية والطبيعية، ومنقطعًا عن كل عالم العبوديات اللازمة والمتعدية.

وإذا تحركت به الأميال إلى مخالطة أشباهه بالنوعيَّة، فعليه باختيار من حسُن وطابَ واجتناب من قبُح وخبُث. على أنه بذاك تنفسد الفطرة السليمة التي هي أصليَّة في الإنسان؛ وبهذا تصلح وتجود وتسمو إلى أوج الكمال.

وإذا اتفق وجوده في مركز بعيد عن دائرة المخالطة الحسنة فعليه بالانفراد بذاته ومخالطة العوالم المحيطة بحواسه حيثما ينال لذَّات لا مزيد عليها ويغتني بها عمَّا سواها.

فإن الإنسان المثقَّف لا يدرك لذةً أعظم اعتبارًا من تلك الملذات التي يدركها عندما ينشر شراع التعقل لسفينة أفكاره، ويطلقها في بحور هذه الموجودات لدى مهبِّ أرياح الحوادث.

هناك نرى غزالة العالم تبرز يومئذٍ من كناس المشارق الذهبية ناشرة أنوار بهجتها على وجه السماء حيثما تعود كافة الخليقة مستبشرةً