صفحة:غابة الحق.pdf/34

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وأياديَ تتجالد وتتقارع، ومخالب تخلب وتجرح، وأظافر تنشب وتهشم، وحوافر ترفس وتصدع، وأجنحة تخفق وتلطم، وذناباتٍ وأفواهًا تلدغ وتلسع.

وكذلك نرى مملكة الحياة النباتية مشتغلة بدفاع غارات1 الطقوس بوسائط وطرق لا ينجلي غموضها، ولا يحصى عددها، وهي تضج وتئن ليلًا ونهارًا ممَّا تفعله بها لطمات الأرياح الهائجة التي تخطف ورقها وتنثر ثمرها. ونرى أيضًا عالم السوائل يقاسي تبديد التبخير تحت أحكام الحرارة فيهب إلى العلا وينضم هناك إلى بعضه على أشكال متخالفة، ثم يهبط غائرًا في بطون الجوامد فيصادمها وتدفعه ثم تقذفه إلى حيث يذهب آنًّا مضطربًا منذعرًا مما قاسى. فكيف لا يمكن والحالة هذه أن يقال لا حرية في الخليفة ولا خلاص من العبودية؟! ومع ذلك فقد يمكن للإنسان أن يحصل على شبه الحرية ويتمتع بلذة الحياة على نوع ما. أما حصوله على الحرية فلا يمكن إلا إذا أدرك أن سني وجوده مهمَا كانت عديدة بالنسبة إلى ما سبقه من العدم وما سيرد عليه ليست إلا كبرق طفيف لمع في ليل دامس. وأن جميع مصائب الدنيا وأكدارها تحيط بهذه الفترة الحقيرة من الحياة التي يجب أن يستثني منها أوقات نومه وطفوليته وشيخوخته، وهي الأوقات التي تعتبر عدمًا. وأن جميع المحيطات به تجتهد في هدم بنيته لتسترد منه ما سرقه من موادِّها بالاغتصاب، ولا تغفر السرقة إلا بالرد الذي هو حكم المغتصب.

  1. قوله غارات الطقوس: حالة الجو من حرارة وبرودة.