صفحة:غابة الحق.pdf/33

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

النباتي؟ أما ترى كيف تجمع القوات الجاذبة ما بين المفترقات العنصرية وتخضعها لسلطان الاجتماع والتراكم تحت عبودية الفواعل الكيماوية وأسر قوات التماسك؛ بحيث لو أمكن للعناصر الهيولية أن تأخذ حرية الانفراد لما أمكن قيام النظام الطبيعي أصلًا؟ أما ترى كيف تدخل السيارة في سلطة الثوابت؟

قم بنا لنطير في أجنحة التصوُّرات ونرتفع ببخار الأفكار إلى سماء الحقيقة. وهناك أريك كيف أن هذه الكرة الأرضية تظهر لنا عن بُعد سابحة في أعماق الفضاء وهي تدور منحنية على نفسها كشيخ أحنت ظهره أثقالُ السنين، وكيف أن هذا الجرم العظيم منقاد بسلاسل سرية إلى الخضوع لنظام الفلك الشمسي بحيث لا يمكن له الخروج عن حدود دائرته المضبوطة بأقطارٍ من تشعشع جاذبية ذلك المركز الثابت. وكيف أن جميع الأجسام المنتشرة على سطحه خاضعة لحكم تقلُّب الفصول والأوقات حسبما يقتضي حلولُه في إحدى جهات تلك الدائرة المنطقية، وكيف أن كل تلك الأجسام نراها ثائرة على بعضها لتدفع عبودية التغلبات حتى نشاهد بينها معامع مهولة؛ فهناك تسمع ضوضاء حرب الجوِّ تضج ضد غلبة المؤثرات، وترعد في آذان الأرض التي نراها تقذف السماء بلهيب غضبها. وعجيج عالم المتحركات يصدع رءوس الجبال العالية؛ إذ تشاهد كلًّا من أنواعه يشن الغارة الشعواء على ضده حتى يهلك الجنس ويباد. فترى أسلحة تتلامع في الشمس وتقعقع في الهواء، وجيوشًا تتضارب على صهوات الخيول تاركة سحب غبارها تغشي وجه السماء،