صفحة:غابة الحق.pdf/31

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الجمود حتى صار لبواشق الأفكار فريسة.

فشرعت الملكة تتأمل في هذه الظواهر مندهشة كأنها ترى مشهدًا عجيبًا، وأخذ الملك يفاوض العدل والحلم، وما كان إلا كلمح البصر حتى نبر الفيلسوف من هواجسه، وقال: لم أفهم معنى الخلاص من دولة العبودية، وهل يمكن أن يوجد لأحد خلاص منها؟

أجابت الملكة: كيف لا يمكن ذلك؟ وهل يخفاك فعل المدافع والبنادق؟

إنني لا أرى وسيلة يمكن بها الخلاص لأحد من لزوم التعبد، على أنني أرى جميع الطبيعة مربوطة بسلسلة الاستعباد بعضها لبعض، أجاب الملك: وكيف ذلك؟ وهلَّا يوجد حرية في العالم؟

– لا.

– ولا يوجد طريقة بها يحصل الإنسان على شبه الحرية لكي ينال لذةً؟

– نعم يوجد.

– أوضح لنا ذلك.

فأطرق الفيلسوف برهة، ثم أخذ يتكلم هكذا: إننا إذا تتبعنا الإنسان منذ ولادته إلى نهاية أمره؛ إنما نرى حياته تجري خاضعة إلى ما لا ينتهي من العبوديات، وهكذا نرى في جميع المخلوقات؛ فالطفل المولود عندما يسقط على الأرض يصرخ وينتحب علامة لإشعاره بوقوع سلطان المحيطات به عليه. ولم يزل عبدًا طبيعيًّا لأمه ما دام يتغذى من لبنها، إلى أن تضع له المُرَّ على الثدي