صفحة:غابة الحق.pdf/30

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أجاب بدون عبء: نعم هكذا تم الأمر. وقد أنفذوا إلينا عرض حالٍ ينطوي على ترك التمرد والعصيان، والوعد بعدم الرجوع إلى زرع الخلل في نظام مملكتنا، نادمين على ما اجترموه ضدنا، ومسترحمين منا أن نطلق سجنهم ونفك أسرهم.

– لا شك أنه يجب إجابة استرحامهم. أجاب الفيلسوف رافعًا كتفيه: ولا ينبغي معاملتهم بالقساوة حذرًا من ملامة العموم.

فقاطعه الملك بعد صغيٍ وإمعان قائلًا: إن الأمارات التي بها نهجوا سبل التوحش والعبودية في مملكة التمدن والحرية تستحق النهوض ضدهم بكل قساوة؛ لأنهم أخذوا يسلبون حرية الناس ويزرعون بينهم الخصومات والخرافات، فلو لم تستدركني هذه السيدة بمشورة حكيمة لكنت أنفذت أمرًا بشنق ملكهم وسجن أعوانه وأنصاره مؤبدًا.

هكذا تم الأمر. أجابت الملكة: أما المشورة التي تنازلت عظمة الملك بقبولها هي أننا نستحضر أولئك الأثَمة، ونضع قوانين وشرائع جديدة يسلكون بموجبها، ونرفقهم بنُظَّار من طرفنا، ونمزج عساكرهم بعساكرنا؛ وبذلك نأمن غوائلهم ونستولي على ولاياتهم بالتدريج بدون إثارة الحروب وشن الغارات؛ فنخلص من فخاخ دولة العبودية.

فأطرق الفيلسوف ساعةً ثم رفع عينيه إلى السماء وأخذ يتأمل قليلًا، ثم أدار رأسه يمينًا ويسارًا، وأحاط جميع الغابة بنظره وهو يهمهم بكلام مترادف، ثم أعاد الأطراف ثانية وأسدل على عينيه براقع