صفحة:غابة الحق.pdf/29

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

تلوح حذاقة الأفكار، فهو ذو جبهة تشير برحابتها إلى تمام العلم والعمل، ونظرات أشد نفوذًا من نبال بني ثُعَل، وكان لباسه جامعًا بين المهابة والاحتشام جمع الحرف بين الصحة والإشمام، ذو قامة لا تغرب عن العامَّة، ورشاقة تتوقد بها النامَّة. أما سِنُّهُ فلم تتجاوز آحاد الخمسين على ما كان يلوح لي ويستبين.

فلما صادفته لحظات الجالسين على مقام السلطنة، بثته أشاير التحيَّة مظهرة دلائل الابتهاج بقدومه، ثم أومأت إليه الملكة أن يجلس حذاها، فتقرب وجلس مستريحًا على ركبتيه، فأوعزت إليه براحة الجلوس ففعل.

وبعد فترة من السكوت التفتت إليه هذه السيدة وقالت له: هل عرفت كيفية نهاية الحرب؟

– نعم قد بلغني أن النهاية كانت انتصارًا لكم، والله يعطي النصر لمن يشاء.

– ولكن بعد موقعتين يحكيان العُوَيْرض بما تكلفناه من تعبٍ شاق، لا راحة إلا بعد تعب.

– ولا نعيم إلا بعد شقا.

– وهل بلغك أن ملك العبودية وأعوانه قد أُسِرُوا وطُرحوا في السجن تحت سطوتنا بعد أن أدرنا عليهم رحى المنايا وأمطرنا على هامهم البلايا؟

– لا، لم يبلغني أمر الأسر.