صفحة:غابة الحق.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الحروب، فهنا نرى أن السلامة قد أنشأت حربًا.

وعندما تسترجع هذه الحروب راحتنا السابقة وهدوءنا الاعتيادي منادية بكون سيف السلطان طويلًا؛ نقول من ثَمَّ إن صخرة الحرب قد أفاضت مياه السلامة الدائمة التي بها يتمتع كل آتٍ بعدنا، كما يتمتع بماء هذه الصخرة التي فجرتها العناية بعصا موسى الإعتاق كل سارح في برية الحرية أو غابة الحق. وأَومى إلى الصخرة التي يتدفق منها الماء وأحاط بالإيماء جميع الغابة.

وبينما كان هذا الوزير يتكلم كانت الملكة الآخذة وضع الجلوس المحتشم متكئة على ساعد العرش السامي ومزهرةً راحتها بوردة خدها الأزهر، وعلى مباسمها تقرأ الحلاوة آية الكوثر، وهي تهز رجلها اللطيفة إشارة لاستيعاب الخطاب متوسمة بوجه محبة السلام بأعين تفيض جمالًا وكمالًا على طلعة تنفث في العقول سحرًا وتدير على القلوب خمرًا؛ فهي ترمي فؤاد فانوس — إلهة العشق — بنبال الفتور، وتأخذ قلب باكوس — إله السُّكر — بنشوة الخمور، مع أنها تخلق في مينارفا — إلهة الحكمة — مهابة واحترامًا، وتجري في روح المريخ — إله الحرب — بردًا وسلامًا.

فما أتم الوزير كلامه إلا ورأيت زنجيين مهروِلين من بُعد إلى ساحة هذا المرسح ولم تزل بطون الأدغال تبتلعهما تارة وتتقاياهما أخرى حتى أدركا أخيرًا هذا المحط، وسجدا على الفور تجاه المشهد الملوكي مكشوفي الرأس مطرقي الأعين، قد عبثت بأنفاسهما غصص الرعشة والهلع. وغب سجودهما أبرز أحدهما من جيبه درجًا مطويًّا،