صفحة:غابة الحق.pdf/24

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ولكن إذا أخذنا نتصفح الحروب وغوائلها إنما نرى العكس تمامًا.

على أنه بالحرب تتبدد الهيئة الاجتماعية وتضيق دائرة تقدمها ونجاحها حينما يرسل إليها مركز الجهل أقطار الخراب.

بالحرب تمحل الأرض وتضنُّ بإنتاجها وتتقهقر الفلاحة ويقل الحصاد.

بالحرب تنهدم البلاد وتغور المتاجر في أودية الاضمحلال، وتنقطع الشعوب عن مشاركة بعضهم بعضًا.

بالحرب تضعف الممالك وتقل رجالًا ومالًا. وبالجملة إنه بالحرب تذل البلاد وتبيد القبائل ويصفر الخراب.

ومع كل ذلك فقد تلد السلامة حروبًا والحروب سلامة.


بناءً على أن زيادة الراحة تنشئ أضرارًا جمة لا تذهب إلا بواسطة التعب والرياضة. وأيضًا زيادة التعب قد تسبب جملة أعراض رديئة لا يمكن إخضاعها إلى الزوال إلا تحت سلطنة الراحة والسكون.

أما ترى حينما تمردت علينا مملكة العبودية وأخذت تُفسِد في الأرض بواسطة أعوانها وتعيث بسذاجة شعوبنا كيف نهضنا ضدها ابتدارًا، وأشهرنا أسلحة الحروب حذرًا من أن يبتلعنا القعر وتطبق البئر علينا فاها؟

وهكذا أتممنا تشتيت شمل العدو، وصحنا عليه بصافور الغلبة والظفر، ضاربين بطبول الحرية التي نحن أولادها. وحينئذٍ فأنا الذي تدعونه وزير محبة السلام قد اخترقت بذاتي جماهير معسكر هذه الأعداء، واقتحمت قلاعهم ناضيًا سيف الهمة والمسعى، حتى أنزلت بهم النكال دفعًا لوقوع القلق والاضطراب في بلادنا، ورفعًا لتسلط القبائل الأجنبية علينا؛ الأمر الذي يفعل الخراب أكثر مما تفعله