صفحة:غابة الحق.pdf/21

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

حتى أوقعنا جميع عساكرهم وقُوَّادهم في قبضتنا بعد حرب أقوم من ساق على قدم، وأشهر من نار على عَلَم.

ولم نكتفِ بهذه الغلبة فقط، بل دخلنا أيضًا إلى معاقلهم السخيفة لكي نستخرج ما فيها من القوات، وبينما كنا نتجسس ونبحث في تلك الحصون واحدًا فواحدًا وجدنا في أحدها رجلًا هرمًا قد نفضت أقدام الأيام على هامته غبار الشيب، وهو مختبئ في إحدى زوايا حجرةٍ ناكس الرأس مُكْفَهِرَّ الوجه منحط العزائم والقوى ذارف الدموع منحني الظهر، حتى يُرى كأنه صنم لا يمكنه أدنى حراك؛ فقبضنا عليه أيضًا وأخرجناه إلى الخارج وربطناه مع سبعة قُوَّاده المذكورين ومن يحمل بيرقه بسلسلة حديدية، ووضعناهم في سجن عندنا تحت الأسر، وحالًا أخذت قلمًا وقرطاسًا وسطرت به هاتين الواقعتين كواحدة على وجه الاختصار وأرسلت الأسطر إلى عظمتكم مع بريد مخصوص.

أجاب الملك: قد وصلتني رقعتكم مع البريد المذكور، ولكني لم أستوعب كل الحوادث حسب الواجب؛ ولذلك رددت إليكم البريد لكي يدعوكم إلى هنا وأفهم الأمر منكم مشافهة، فمن الرقعة التي أبرزتموها لي لم أعلم سوى موقعة واحدة وأنكم موعودون من الأعداء بالتسليم وترك الأسلحة عندما كان نظري يسبق ويرى من بعيد دخان وغبار معركة مهولة، وأذني كانت تسمع لغطًا يشبه دوي رعود من أفق شاسع، ولم ألبث أن أغرقتني لجة البلبال؛ لأنني لم أعلم النصر لمن يكون.

– نعم، إن هذه المعركة التي هي الثانية ربما كانت