صفحة:غابة الحق.pdf/22

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

جارية حينما كنتم تشرفون معروضنا بتلاوته؛ لأننا بعد برهة قليلة من نهاية الكفاح الأول أسرعنا إلى إخبار عظمتكم وشرعنا في الاعتراك الأخير ونلنا النصر والظفر من حيث لا تعلمون.

ومع ذلك كنا نقتصر على إنجاز تلك الموقعة الأولى حسب المرغوب لو لم يدخل غش هؤلاء المردة على سلامة قلب وزير محبة السلام. وأشار إليه، أما هذا الأخير فقد كان مطرقًا في الأرض غير متحرك وكأنه واقع في هواجس كثيرة، فالتفت الملك إليه، وقال له: بالحقيقة إن سلامة قلبك قد صارت السبب الوحيد لانتشاب تلك الموقعة الثانية؛ لأنه لو كنت تُعرض عن تصديق دعواهم بالتسليم عالمًا أن الحرب خدعة لكانت جيوشنا أنهت الموقعة الأولى حسبما اقتضت الثانية، وكنا اغتنينا عن ثقلة هذه الأخيرة ووفرنا رجالًا ومالًا.

فأحنى الوزير رأسه لدى الملك، وقال: إنه لم يخطر بي البتة إمكان هجوم هؤلاء البرابرة علينا مرة ثانية بعد أن شاهدوا ما شاهدوه من بسالة أجنادنا الأقوياء في الحروب، وتيقنوا جيدًا عجزهم وضعفهم بالنسبة إلى ثباتنا وقوتنا؛ فقد جرت الأقدار بما لم يخطر بالأفكار، ومع ذلك فليست إجابتي لطلبهم كانت مبنية على اقتناعي فقط بكونهم لا يجسرون على محاربتنا ثانية، بل وعلى طمعي بحقن الدم أيضًا؛ إذ قد خطر لي أنه إذا لم نُجِب طلبتهم وواصلنا الحصار والمهاجمات فقد يمكن أن يجري نهر من الدماء حسبما جرى ذلك في كثير من مواقع