صفحة:غابة الحق.pdf/19

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ملتهبة بضرام المواقع، وأحذيتهما متوشحة بما نسجه النقع، والدماء سائلة على حد ظباهما ومضمخة ثيابهما العسكرية، وكان مكتوبًا على خوذة أحدهما: «هذا قائد جيش التمدن.» وعلى منكب الآخر: «هذا وزير محبة السلام.»

وعندما وقعت من الملك التفاتة إليهما حيَّاهما بالإكرام، وقال لهما: هات أخبراني بما فعلتما شفاهًا. فأخذ الأول يسرد الحوادث هكذا: إن نصرتنا الكاملة على الأعداء لم تحتمل أكثر من موقعتين: أما الأولى فكان حدوثها على هذا الوجه، وهو أن هؤلاء الأخصام عندما شاهدوا جيوش آدابنا المستظهرة مقبلة عليهم فرقًا فرقًا؛ عدوا حالًا على قتالنا منظِّمين صفوف أجناد مقاومتهم، وأخذوا يدافعون هجومنا عليهم بنيران مدافع العناد بدون أدنى اكتراث بنا، وكان حامل بيرقهم رجلًا يسمى بالبغض.

فعندما لاحظنا قحتهم هذه زمرنا حالًا ببوق النار الدائمة، ورفعنا بيرق النزال، فكنت ترى حينئذٍ جيوشنا تلك الغضنفرية غائصة في سحب دخان الغيرة، متلامعة ببروق سحيق التعاليم على صهوات جياد المدارس التي كانت تحمحم طلبًا للهجوم وشوقًا للاقتحام، ولم تزل قنابر براهيننا تنقضُّ على صفوف الأعداء كالصواعق من أفواه مدافع استظهاراتنا التي كانت ترعد تحت سماء حرب الحرية، ولم تبرح بنادق ألفاظنا تمطر عليهم رصاص العزيمة إلى أن رأيت تلك الصفوف أخيرًا متفرقة كبنات نعش، ومنهزمة أمام