صفحة:غابة الحق.pdf/18

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

العصيان والتمرد، ولكي يعلموا أنك أنت هو الملك الأكبر مقدارًا والأشد عزيمة والأوسع مملكة وأجنادًا، وأنه بأي وقت تشاء يمكنك شن الغارة عليهم وأسرهم حسبما فعلت الآن.

– قد ظهر لي الآن من كلامكِ يا أيتها الملكة السعيدة أنه يجب إرجاع هؤلاء الظَّلَمة إلى مملكتهم بعد تلك الحروب التي أثرناها عليهم، وكل ذلك التعب؛ فأنا أتعجب منك! كيف مع كونك بهذا المقدار حكيمة تشيرين عليَّ بهكذا مشورة ولا تشورين باستئصالهم عن آخرهم لكي نأمن غوائلهم ومكايدهم؟!

فقاطعته الملكة قائلة: إن إشارتي إليك يا أيها الملك الجليل بوضع شرائع جديدة على أولئك القوم أصحاب تلك المملكة المشئومة، وبإرفاقهم بمُناظرين عليهم من طرفنا وبجعل أكثر عساكرهم من جنس عساكرنا، إنما هو عين استئصالهم وإبادتهم؛ لأنه بذلك يمكننا وضع الأيدي على مملكتهم وضمها إلى مملكتنا بكل سهولة وبدون أدنى انزعاج لداخليتنا، ولكن مع طول الزمان والصبر الأمر الذي به قد نجحت أكثر ممالك العالم حسبما تخبرنا التواريخ، ولكن إذا أوقعت بهم الآن حدَّ السيف بدون التبصر بعواقب العجلة، فأخشى عليك من الوقوع في بلبلة البال والندم على المحال.

وبينما كانت هذه الملِكة الحكيمة تبسط أفكارها لذلك الملك الجليل، وإذا برجلين مُقبِلَيْنِ من جوف الغابة بأقدام مهرولة، وبوجوه عليها سيماء الانشغال، ولم يزالا يتقربان إلى أن وصلا أمام المظهر الملوكي وسجدا هنالك بكل احترام ووقار، وكانا متدرعين بأسلحة الحرب، وأعينهما