صفحة:غابة الحق.pdf/17

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– كيف يمكنني أن أعامل هؤلاء القوم بما تقتضيه نواميسنا حسبما تشورين، مع أنني قد أفرغت جهدًا طويلًا وتكلفت تعبًا ليس بيسير حتى أوقعتهم أخيرًا في قبضتي؟ أفما يخشى مَن هربهم بواسطة الحيل والخدع إلى حيث لا نعود نظفر بهم ثانية؟ فها أنا قد اعتمدت على شنق هذا الملك الخبيث وسجن جميع حفدته وعبيده مؤبدًا، تدير مملكة العبودية بكل سرعة، ولم يعد لي حاجة لما كانت تدفعه هذه الدولة من الخراج؛ لأن جميعه آتٍ من مال الظلم.

– إياك تصنع هكذا يا أيها الملك العظيم لئلا نفتح سبيل التمرُّد والعصيان إلى شعوب مملكتنا، وتعود الثورات الأهلية قائمة؛ لأنه معلوم لديك كم وكم من الناس يميلون طبعًا إلى تلك الدولة ما عدا الذين قد مالوا إليها بقوة الفساد والغش؟ فإذا — لا سمح الله — أخذت الحروب الأهلية بالانتشاب نعدم راحتنا ونقع في وجل عظيم، فتصير المصيبة الأخيرة شرًّا من الأولى؛ إذ نكون كالطبيب الذي يسرع إلى سفك الدم حالًا في الحُمَّيَات الخبيثة بدون ملاحظة المزاج والبنية؛ فيهلك المريض بشدة انحطاط القوى الحيوية.

فأشور عليكَ إذن يا أيها الملك المهاب، وأرجو أن تتنازل إلى قبول مشورتي بأن تستحضر لديك ذلك الملك العنيد مع أهمِّ أعوانه، وتضع عليهم شرائع وقوانين جديدة يسلكون بموجبها، وتشدِّد ذلك الوضع بالصرامة اللازمة بعد توبيخهم وتبكيتهم، ثم تجعل لكلٍّ منهم مُناظرًا من طرفك، وكذلك يجب أن تكون أكثر عساكرهم من جنس عساكرنا؛ كي لا يعود لهم مقدرة على مخالفة الناموس أو