صفحة:غابة الحق.pdf/15

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

دخان وقتام.

وأما الشخص الثاني: فكان امرأة، وعلى ما بان لي أنها زوجة الأول، وهذه المرأة قد كانت ذات وجه بيضيِّ الشكل، يلوح عليه حسن بلغ أعلى درجة من سلم الجمال، بأعين تتلامع بأنوار الحور على سواد الكحل، وأجفُن كأنها سكرى بخمرة الفتور ومأخوذة بسحر الغزل، وحواجب كأنها صوِّرت بقلم رافائيل أو نُقِشَتْ بإزميل ميخائيل قد جمعت بين الاقتران والزَّجَج، جمع جبينها بين السعة والبلج، ورأسها متوَّج بشعر مسترسل يترامى على أقدامها كطالب شفاعة بهيئة تكلُّ عن إحاطة تشخيصها الصناعة، وسواد يتموَّج بسنا الصقال اللامع كالليل الذي يخامره ضياء الفجر الساطع وهو مزنَّر بإكليل من الذهب والغار علامة للظفر والانتصار، وكأنَّ وجنتيها صفحتا لُجَيْنٍ قد اندفع إليهما نور الشفق، وكأن جيدها ومباسمها كشقيق أخذ ينفتح إذا ما الصبح انفلق، وكأنَّ جيدها صيغ من بلور لطيف يعلو على صدر يحمل كرتي مرمر نظيف. أما معاصمها فقد كانت لدوائر الأساور مراكز ترسل أقطارًا متساوية الاتصال، وكذلك أرساغ أقدامها كانت تملأ الخلخال. أما لباسها فقد كان جامعًا لكل الاحتشام؛ بحيث لم يكن سوى جلباب عريض حريري النسج يحيط بجميع قوامها من العنق إلى الأقدام، مزرورًا على صدرها، ومستدقًّا عند معاطفها المحاطة به كنطاق، ومن هناك يأخذ بالاتساع إلى أسفل بدون أن يبدي مشهد قبة عظيمة.

وبينما كنت أنظر إليها نظر المندهش الحيران؛ مأخوذًا بخمرة