صفحة:غابة الحق.pdf/138

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

يجب طرده من عالم الآداب والتهذيب وكسر شوكته، وبكل حق يتعين النفار عنه واجتنابه على من ليس يرضى بهتك أسراره وخفياته، ولا يوجد أصعب على الإنسان من وقوع أعماله السرية في السنة العامة وإظهار عيوبه. ولو أمكن وجود إنسان خالٍ من النقيضة لَحُقَّ له أن ينتقد نقائص غيره، ولكن يمتنع وجود ذاك فلا حَقَّ في الانتقاد لهذا.

ولما كان السقوط المطلق لقائد النميمة قد يفتح طريقًا لهجوم الأشرار على عمل العيوب بدون خشية كشف النقاب الذي يردع كثيرين عن الكبائر بِلَجْمِه جماح الشهوات، كان الأفضل أن يبقى له صوت في آذان العموم لأجل التهديد، ولكن بشرط أن يكون زمامه محفوظًا في يد الكتمان.

الكذب والنفاق

أما أنت يا قائد الكذب والنفاق فلا تعتبر إلا كهادم لمباني الآداب الإنسانية، ومفسدًا لصلاح الغريزية ومستعبِدًا لحرية الفطرة؛ لأنك متى أوقعت أحكامك على أحد أحدثت فيه بلبالًا عظيمًا ظاهرًا وباطنًا إذ تجعله الخصم الألد لضميره كلما فتح فاه. وتبقيه أضحوكة في أفواه سامعيه فتكسبه العار والفضيحة، حتى إنه يعود متقلبًا على جمر الندم ومشمولًا بقنوط النفس كلما خلا في نفسه وتبصر بما أنشأ لسانه من الأكاذيب والنفاق في مسامع الناس، وبما سيرد عليه من التكذيب والإذلال، فيثني مصممًا أن يحفظ لسانه من شين المين، ولكن غلبة الملكة لا تسمح له بذلك ما لم يحتمل مشقة عظمى؛ فيعيش أسيرًا