صفحة:غابة الحق.pdf/137

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۳۹

حذرًا من انغلاق أبواب السلام أو انطلاق أشواط التهافُت، ولكلٍّ وقت وأوان.

النميمة

ما لي أرى هؤلاء القوم يرشقون هذا الشخص السابع بنظرات النفور والاشمئزاز؟ ويبعدون عنه كأنه جيفة نتنة أو جرب مُعْدٍ؟ وجميعهم يومِئُون إليه بالبَنان ويتوامرون؟ ولماذا كلٌّ يظهر إشارات الخوف منه والابتعاد؟ ولماذا قد أطبق الجمع على اجتناب هذا الرجل المسكين، حتى لم يعد أحد راضيًا أن يكلمه أو يلقي عليه السلام، فليت شعري هل هذا رجل النميمة حيث لا يوجد من يستحق معاملة كهذه سوى النمامين؟

نعم، هذا هو رجل النميمة وقائدها؛ ولذلك يتحاشاه جميع الناس ويبتعدون عنه غاية الابتعاد حذرًا من آثاره الرديئة وأطواره الذميمة؛ لأن دأبه أن يهتك حرمة الأسرار ويكشف الستر عن معائب البشر، ويظهر كل الأعمال الصائرة منهم سرًّا، حتى إنه يفعل هذا مع أخص أصدقائه، وربما تعمد أن يصاحب أحدًا ليطَّلع على خفياته بالاستيداع ثم يذيعها بالنميمة. ولا يبالي من ارتداد وجعه على رأسه في أحوال شتى، وذلك عندما تستقر الخيانة فيه فيستوجب لعنة الجماعة ويعاقَب بالصد والجفاء مثل الأفعوان الأسود الذي إذ يلسع تنسحق أنيابه ويسيل منها سم فيمتصه فيموت.

فلا شك إذن في عظم أضرار هذا الروح الخبيث، وبكل عدل