صفحة:غابة الحق.pdf/136

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۳۸

الضرر، ولكن يجب أن تكون ملحوقًا بأوامر الكرم لكي تحصل الرتبة المطلوبة ما بين التبذير والبخل.

الضغينة

مَن هذا الرجل المنتصب تلقاء عرش التمدن ذو الأسنان المكزوزة والأعين المتوقدة بالشرر؟ مَن هذا الواقف وقوف النمر المستعد للوثوب على الفريسة؟ هل هذا هو قائد الضغينة؟ نعم، هذا هو قائد الضغينة المستعد لأن يغدر بكل من يمحضه السلام ويركن إليه.

فما أنت يا أيها الروح الحقود سوى عذاب أليم للأرواح؛ لأنك متى أوقعت أمَّاراتك في أحد أعدمته الراحة والسكون وجعلته كالوحش الحائم على ما يفترسه؛ فلا ينام إلا على فراش الغضب، ولا يستيقظ إلا بأعين الانتقام، ولا يروي إلا بكرع الدماء، ولا يجد في نفسه حركة لأنه يقضي الليل والنهار مملوكًا لخلقه ومأسورًا لحب انتقامه وواقعًا في خطر مبدآت كفايته. وهكذا فيعيش عبدًا وأسيرًا لأطواره ومعادًى ومباعدًا من معاشرة الذين يستلمحون طلائع هجماته فيجتنبونه.

فلا ريب إذن في أضرار هذا الروح لائتلاف البشر؛ إذ إنه يوقع النفار ما بينهم ويبعد بعضهم عن بعض خلافًا لما يطلبه ميلهم إلى الالتئام في دائرة التمدُّن توطئة للاعتضاد في الانتفاع، فمن الواجب والحالة هذه أن يكون الصفح مرافقًا قائد الضغينة ورادعًا جماحه، كما يجب على الضغينة أيضًا أن ترد اندفاع الصفح في بعض الظروف