صفحة:غابة الحق.pdf/134

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

١٣٦

والآخرة؟ وكم تهجس على مضجعك في أمر التوفير وتتصل به إلى حسابات وكميات تفوق طور الإدراك مرتقيًا في سلسلة التضعيف والضرب حيث تقول في ضميرك: إنني من الغد سأشرع في تنقيص كمية اللحوم والبقول والزيوت، وفي إجهاد الأولاد في تتميم الأعمال الخدمية استغناءً بهم عن الخدم. ولم أزل أنقص مقدار الطعام وأعوِّد الأولاد على الخدمة حتى نصير أخيرًا قابلين أن نعيش على النزر من الخبز والقليل من الجبن أو الزعتر، وقادرين على قضاء كل الأعمال الشاقة. وبهذا العمل يمكنني أن أجمع كل مال العالم؛ لأن درهمًا ودرهمًا درهمان، ودرهمين ودرهمين أربعة دراهم، وأربعة دراهم في أربعة دراهم ستة عشر درهمًا، و١٦ × ١٦ = ٢٥٦، و٢٥٦ × ٢٥٦ = ٦٥٥٣٦. وهكذا ترتقي من المضروب إلى المضروب فيه إلى أن تبلغ الحاصل الأعلى حيثما لا يوجد رقم ولا يجري قلم. وحينئذٍ تأخذ نفَسًا، وتقول: ها أنا مزمع أن أملك العالم بأسره وأوقف كل دواليب الأشغال وأجعل الناس عبيدًا لي.

نعم ستفعل هكذا يا هذا البخيل، ولكن بعد ألوف من السنين إذا لم تمت بداء التكميل. فليعش رأسك الكريم ولينجح مقصدك العظيم، ولا عتب عليك إذا فكرت في نفسك هكذا؛ لأنك ترافق القمر في مشروعه، فكما أن هذا الجِرم يخال أنه سيوقف دوران الأرض بعد عدد من ألوف ألوف من السنينَ لا يُحصى؛ وذلك بتأخير جاذبيته لحركتها ست ثوانٍ في كل جيل، هكذا تخال أنت أيضًا أنك ستوقف