صفحة:غابة الحق.pdf/133

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

والشح، وها جميع الناس يقذفونك باللعنات والمسبَّات؛ فأنت مستوجب أن يحكم عليك بالخذل والرذل بدون تردد؛ لأنك توَد أن ينغلق كل باب لتقدُّم الخلائق وتفتح كل سبل التقهقر؛ فتخزن الأموال ولا تدع لها منفذًا. أما تعلم أن العطاء ينهج طرق الخير ويسند أخاك الجائع، وتكنز الدنانير والدراهم في أعماق الصناديق حذرًا من أن يلامسها الهواء أو يمسها الضياء. أما تدري أن الدراهم قد صارت الآن محورًا لمدار عالم المعاطاة، وأن حجزها يضيق دائرة العلاقات البشرية ويعيق تبادل المعاملات، وتطرد كل سائل ومحتاج ولو على فلس، وتميل عن كل عمل كريم أو سمة تقتضي بذل الورق؟ أما تعرف أن العضد الأعظم لترتيب حياتك يؤخذ من مثل السائلين والمحتاجين؟ فهم يبنون دارك وحانوتك، وهم ينسجون ثوبك ورداءك، وهم يجهزون كل أدوات طعامك وشرابك، وهم يتسارعون إليك من كل الجهات ليحرسوك من وثبات المختلس وهجمات العدو، وهم يمدون أيديهم ليرفعوك لئلا تعثر رجلك بحجر، وإذا انتشبت حريقة في منزلك ألقوا أرواحهم لينقذوك وأولادك ويحموا أمتعتك. فلماذا تدوس في أعناقهم إذا انطرحوا تحت قدميك يطلبون إسعافًا؟ ولماذا تُعرض عنهم وتشتمهم إذا مدوا أيديهم إليك ليطلبوا سداد رمقهم، حتى إذا أمكن للإلحاح أن يقتلع من فولاذ يدك بارة واحدة استشعرت بألم اقتلاع الضرس.

ولماذا تعصي الآمر بإشباع الجائع وستر العريان؟ أما تخشى وقوع في ثورتَي الدنيا