صفحة:غابة الحق.pdf/130

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الإفلاس لكي يفتك باعتبارهم مؤمِّلًا أن ينحط عمود ثقتهم بقوة ذلك التشنيع والإشاعة؛ فيُسر فرحًا، وإذا ساقه الحديث أخذ يسند غناهم إلى عامل الشح والبخل وإن كان هو أشح وأبخل، ولم يزل يتزايد حسدًا حتى إنه ربما لا يعود يمكنه النظر إلى ثوب جديد غير ثوبه أو طعام لذيذ غير طعامه، وإذا كان عالمًا أو شاعرًا أخذ يزدري بمؤلفات العلماء ويهزأ بقصائد الشعراء باذلًا جهده في تحصيل زلاتهم وغلطاتهم على خطأ كان أو صواب، حتى إذا عثر على شيء من ذلك أخذ بوق الانتقاد وجعل ينشر بصراخه كل أموات الغفلة. وربما أفضى به الحال إلى أن يطرح من يده كل مؤلف أو قصيدة ممَّن سواه من العلماء والشعراء ولا يتنازل إلى القراءة حذرًا من أن يرى فكرًا أجلَّ من أفكاره أو قاعدة لا يعرفها، وبقدر ما يرى من سموِّ أفكار غيره وجمالها يكون إشعاره بثوران لهيب غضبه وهيجان بركان انتقاده، وهكذا فقد لا يعود لفمه إمكان أن يلفظ بسوى الشتائم والمَسَبَّات التي أخفها قوله: بجق، علك، ركاكة. وذلك بدون إبراز أقل حجة يحتج بها. هذا إذا لم يطرح قياد العلوم والقرائح في عهدة الجنس أو المذهب، وقس على ذلك سائر المراتب والصنوف من البشر الذين يأخذهم روح الحسد والطمع. فكم يستفز هذا الروح شرورًا وبغضًا بين البشر! وكم يهتك بحرمة هيئتهم ويخترق ستار اعتصابهم!

فماذا ينفعك الحسد يا أيها الحاسد الجاهل؟ وهل تظن أن هذه السيماء توصلك إلى أوطارك وآمالك؟ حاشا لله. إن هذه السيماء