صفحة:غابة الحق.pdf/13

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥

التمعن حقه؛ تلاعبت يد الاضطراب في جهاز الحياة، ومالت الأعضاء إلى الارتياح، ولم أزل فريسة ترتعد بين مخالب تلك الانفعالات إلى أن أخذتني سِنة المنام، وانفتح لدى أعيني مرسح الأحلام.


الفصل الأول

الحلم

ولما غمرتني لجج الرقاد؛ وجدت ذاتي أتخطر في برية واسعة، وكان يظهر لي عن بُعد غابة عظيمة ذات أشجار ضخمة عالية، بأغصان متكاثفة الأوراق ملتفَّة بعضها على بعض، بنوع أنه لا يمكن لأشعة الشمس أن تخترق قبابها الشاهقة إلى كبد السماء لكثرة تلبدها الشديد، وهي تفرش على الأرض بساطًا ثخينًا من ذلك الظل الذي لا يتقلص وبعد أن أجهدت المسير إلى أن تبطنت هذه الغابة، رأيت نفسي من ثَمَّ مُحاطًا بسكوت عميق يتخلَّله من فترة إلى أخرى هدير مبهم يشبه دوي غدير متدفق ممزوج ببعض زمرات من وحوش الغاب، أو تغريدات من طائر السماء؛ فأخذت أتتبع هذا الصوت الذي يظهر كأنه ينعي ألم الوحدة أو يبث شكوى الفراق، ولم أزل مهتديًا به إلى أصلِه وأنا أركض تارة وأتوقف أخرى إلى أن انتهى بي الجِدُّ إلى فسحة فسيحة واقعة في جوف تلك الغابة، ومحاطة بسياج من أعظم الأشجار، وهناك رفعت نظري فرأيت السماء حينئذٍ واقعة على