صفحة:غابة الحق.pdf/128

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فأنت خادم الناس ما دمت كبيرهم، ولا تنفعك كبرياؤك عليهم، وستحل في قبر النسيان قبل حلولك في قبر الأبدان، وقد قال قبلك الملك والنبي داود: أنا داود ولست إنسانًا. وإن كنت نبيًّا فما عندك آية سوى الكبرياء وهذه سيماء الدجال. وإن كنت رسولًا فقد كُذِّبَتْ رسلٌ من قبلك، وإن كنت من ذوي الفضل والإحسان فهذا من الواجبات البشرية ولا يسمح لك واجبك بالعُجب والتكبُّر على غيرك، وإن كنت غنيًّا فثروتك لنفسك ولا تنفع بها أحدًا ما لم تنتفع منه أولًا، على أن الأغنياء والفقراء متبادلون حقوق المعيشة سواء. وإن كنت حيوانًا فأنت مخضع تحت قدمَي الإنسان؛ إذ تكون نعجة أو بقرة أو إحدى بهائم البقاع.

ومع ذلك لا ينبغي الرفض المطلق لقائد الكبرياء من مملكة التمدُّن حذرًا من حصول الدناءة التي لا تليق بالبشر، بل يجب تركه مقيدًا بحكم الاتِّضَاع حتى يستوفي كلٌّ منهما حقه حسبما يقتضي الحال، فتكون النتيجة حصول عزة النفس المقبولة في شرائع التمدن، وزوال عبودية الاستكبار عن الأنفس.

تواضع تكن كالنجم لاح لناظر
على صفحات الماء وهْو رفيع
ولا تكُ كالدخان يرفع نفسه
إلى طبقات الجو وهْو وضيع

الحسد والطمع

ها قد وصلنا إلى هذا الروح الذي كثر شَرُّهُ وعظُم ضره منذ البدء إلى الآن؛ أعني به قائد الحسد والطمع كعبة الشقاء وركن الفساد،