صفحة:غابة الحق.pdf/127

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

اقتضته الحاجة إلى السؤال على أمرٍ أو استفادة شيء ما من أحد الناس يقع في حيرة عظيمة واضطراب لا مزيد عليه، ويصير محلًّا لتنازع عوامل الطلب والترك؛ إذ يرى لسانه منبسطًا إلى المطلوب وقلبه منقبضًا عنه، فتثور في جوانحه نار الألوهية، ويأخذ في ضرب الرموز والإشارات على مقصده، عسى ينال الجواب والفائدة بدون تصريحه بسؤال رسمي. وإذا أعياه بلوغ المراد حاول أن يسبك السؤال في قالب قصد التنكير لمعرفة لا طلب التعريف لنكرة دفعًا لنسبة الجهل أو الوقوع تحت المنة واختلاسًا للفائدة. وإذا أوقعته الصدف بمرافقة أحد إلى الدخول في مكان ما حاول كل المحاولة أن يتقدم عليه ويبقيه خلفه. وهكذا لا يزال هذا المستكبر معجبًا بنفسه عاقدًا حواجبه، إذ يظن أن السماء تعنو لديه والأرض تجثو لأقدامه، مع أنه يكون بمقتضى هذه الأطوار مبغوضًا وممقوتًا من الجميع ومحلولًا من وثاق الهيئة الاجتماعية التي تتأسف عليه جدًّا، كما أنه هو نفسه يندب ذاته ويتأسف على حياته المقيدة بسلاسل العبودية لكبريائه؛ إذ يرى حاله مقهورًا لطبعه ومحرومًا من لذات الخليقة ومرذولًا لدى الخلائق ومدانًا من الخالق، فلا يعتبر إلا كورقة الخريف المستعدة للهبوط من أعاليها لدى أوهى حركة.

فقل لنا يا أيها الروح المتعجرف: من أنت وما أنت لنعطيك حقك؟ فإن كنت بشرًا فما فضلك على البشر؟ وإن كنت ملاكًا فأنت إبليس الاستكبار؛ إذ لم تسجد لآدم متواضعًا. وإن كنت ملكًا