صفحة:غابة الحق.pdf/124

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ثم التفت إلى قائد الجهل مبتدئًا منه وجعل يقول:

الجهل

أما أنت يا أيها الجهل فمن أخبث الأرواح الشريرة التي تفسد في الأرض وتعضد يد العبودية وتخرب أبنية العلم. فما أنت إلا السبب الأعظم لأكثر الوبال الذي جرى ويجري وسيجري في المسكونة، والأصل الأول الذي منه قد نشأت فروع البدع والخرافات التي تجعل البشر عبيدًا لأهوائهم وأباطيلهم وتحرمهم لذة حرية الحياة، فإذا كانت المسببات تستوجب مقدارًا من الجزاء فالأسباب تستلزمه مضاعفًا، فتكون إذنْ يا أيها الجهل مستلزمًا صرامة الحكم بمقتك من الناس وتبديدك وكسر شوكتك والنفار عنك؛ فإنك تعتبر كسبب موجب لتلك الآفات المحكوم عليها بالمقت والكراهية منذ بدء الخليقة، ويجب على البشر أن يعتنوا بإخضاع مملكتك لدولة العلم الذي حيثما نزل أنزل المجد والعظمة والكرامة. فبالعلم يجلس الإنسان على قمة كماله الطبيعي، ويعمل حسب استحقاق إنسانيته، وبالجهل يهبط أسفل السافلين ويتصرف كسائر الحيوانات؛ بذاك تعظم قوة الممالك وتتبين حدود الملوك، وبهذا تسقط القوات ويمد التعدي باعه، بذاك يقوم اعتبار الشعوب وتنتشر ثروة القبائل وبهذا يخفق جناح الاحتقار وينعق غراب الإقلال. بذاك قد تلألأ محيا الغرب، وبهذا قد أظلم جبين الشرق.

فكأن الشرق بابٌ للدجى
ما له خوف هجوم الصبح فتح