صفحة:غابة الحق.pdf/123

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

اشتراني؛ بحيث لا يوجد لي أدنى حرية معتوقة ولا حركة مطلوقة، يجعلني مائلًا كل الميل إلى الحرية والانعتاق، ولو صرت خادمًا بأجرة حياتي فقط عند الرعاع.

– إذن تشتهي الانعتاق؟

– نعم بكل قلبي.

– فلماذا لا تطلب من سيدك ورقة إعتاقك؟

– وهل يسمح لي بذلك؟

– نعم؛ لأنه يعلم أن الحكومة لا تسمح بأخذ العبيد، وبأنها تلزمه بتحريرك إلزامًا، فاذهب وخذ منه ورقة الإعتاق، وإذا منع ذلك فأنا المسئول.

فذهب من عندي، وبعد ثلاثة أيام أتاني ومعه ورقة الإعتاق، فأدخلته معي المدرسة، وبعد مرور خمس سنين خرجنا منها ودخلنا في خدمة دولة التمدن تحت راية جانب السلطان الأكبر. وها نحن بين أيديكم نرى أخصامنا بأعيننا ووثاقهم بأيدينا فأعز الله أنصار الحرية وأيَّد دولة الرفاهية.

وبعد تتميم الزنجي روايته التي كانت مؤثرة في جميع المحفل، جاذبة كل الالتفات إليها، أخذ السكوت موقعًا نحو دقيقة؛ إذ كانت الملكة تمسح أعينها من الدموع التي استقطرتها رواية العبد، ثم التفت وزير محبة السلام إلى الفيلسوف الذي كان مضجعًا على الصخرة بدون حراك، وأوعز إليه بإشارة أن يرجع إلى كلامه. ففرك الفيلسوف جبهته المرتفعة وأنشأ يقول: هذا ما يجب تبليغه لآذان ملك العبودية الذي إذا لم يسلك حسب مضمون ما تقرر لديه فلا قيام لمملكته إزاء تقدم هذا العصر الجديد، فليسمع قوادُه وأنصاره ما سيرد عليهم وليركنوا إلى الحق.