صفحة:غابة الحق.pdf/121

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

العربي واحتقاره من جميع الإفرنج الذين كانوا يصادفون مركبنا أو أحد ملاحيه، حتى إن أولادهم يظنون العرب هم نوع منقطع عن الجنس البشري، ولا يُحسب إلا من جملة الحيوانات؛ لكثرة ما سمعوه من عبارات الازدراء والتحقير من آبائهم. فقلت في نفسي إن الجهل الفاشي في هذا الجنس أوجب انحطاط شأنه لدى هذه القبائل، ولو كان عنده مدارس كما عندهم ومساعدون على تقديم العلم ومحبة وطنية منزَّهة عن أغراض الدين لما أصبح أضحوكة عندهم، بل ربما يكون أرقى من جميع العالم علمًا لشدة حذقه الطبيعي وحزمه، ولا ينكر الغرب فضل العرب عليه. ولما تمكن من فكري خاطر الدخول إلى المدرسة بِناءً على أن كلًّا يعمل على شاكلته، تركت مركبنا وركبت بخاريًّا وقصدت الآستانة العلية دار السلام فوصلت إليها. وبعد قليل من وصولي طلبت الدخول في المدرسة العسكرية؛ ففتحت لي الأحضان وشرعت في الدراسة ناسيًا كل ما جرى على رأسي.

وبينما كنت ذات يوم أتمشى على الكبري وقت الراحة، وإذا عبد نظيري يقول لي: نهارك سعيد همشري.

– نهارك سعيد ومبارك.

وبعد أن تأملته بإمعان شعرت بشرارة كهربائية طارت من دمي وسرت في جميع مفاصلي فسألته: ما الاسم؟

– مرجان.

فازددت حنوًّا.

– وكيف كان مجيئك من بلادنا؟

– بقوة الاختطاف.

– وهل خطفوك وحدك أم خطفوا غيرك