صفحة:غابة الحق.pdf/120

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الوساوس تحوم على خربة رأسي من كل جهة حتى صرت أخال نفسي قائمًا في وسط جهنم.

ولم أبرح متقلبًا على فراش القلق والأرق ضاربًا في أودية الويل خابطًا في لجج الليل إلى أن تبلجت كُوَّة الحجرة بشعاع السحر؛ إذ علمت أن النجم قد غار على جواده الأدهم، والصبح قد أقبل على صهوة أشقر؛ فقفزت من مضجعي قفز الغزال المذعور، ووقفت في وسط المخدع لأجمع شوارد أفكاري وأنتخب منها ما يرشدني إلى سواء السبيل، وإذ أولجت يدي في جيبي على غير قصد إيفاءً لما تطلبه بديهة الهجس فعثرت على بعض قطع الدراهم كانت مذخورة لمصروف بيت مولاي؛ فشملني الفرح للحال وقلت في نفسي: ها قد تسلمت زمام المستقبل. ففتحت المغلق وأطلقت عنان المسير، وإذ بلغت باب الدسكرة وجدت الرئيس مدلجًا هناك فطلب مني أجرة المعرس، فأعطيته شيئًا من الدراهم وواصلت الجري حتى أصبت الجسر، فما لبثت برهة أنتقد ذاتي أن رأيت ذهبية قاصدة الإسكندرية فركبتها وأخذت تفرط زرد الماء لدى مهب الهواء.

وبعد ثلاثة أيام بلغنا الإسكندرية فصعدت إلى البر وطلبت جانب المينا فصرت هناك عتَّالًا، وبعد مُضي خمسة أشهر خلعت أبهة العتالة وصرت ملاحًا في إحدى المراكب العربية التي تشتغل في بحر الروم، ولكن بعد بضعة أشهر خطر لي أن أترك الملاحة وأدخل في إحدى المدارس التركية، وما ذاك إلا لأنني صرت أسمع شتيمة الجنس